ليوناردو دافنشي
ليوناردو دي سير بيرو دا فينشي (بالإيطالية: Leonardo da Vinci) (15 إبريل 1452 - 2 مايو 1519) كان موسوعياً ينتمي إلى عصر النهضة حيث كان رساماً، مهندساً، عالم نبات، عالم خرائط، جيولوجياً، موسيقياً، نحاتاً، معمارياً وعالماً إيطالياً مشهوراً. ولأنه كان رجلاً عبقريًا ذا موهبة عالمية في عصر النهضة فقد جسد روح عصره كاملاً مما أدى ذلك إلى اكتشاف كبار نماذج التعبير في مختلف مجالات الفن والمعرفة. ويعتبر أحد أعظم عباقرة البشرية[1] ربما عبقريته التي ميزته أكثر من أي شخصية أخرى، كانت بمثابة التجسد الإنساني المثالي لعصر النهضة. وكثيراً ما وُصف ليوناردو باعتباره رمزٌ لرجل عصر النهضة، ورجل ذو "فضول جامح" وصاحب "خيال إبداعي محموم"
كان ليوناردو دا فينشي حالة نادرة للغاية ، وبحكم طبيعة معجزته من الممكن القول: إن هذه الطبيعة لم ترتكز فقط على جمال الجسم التي منحته إياه بشكل جيد للغاية بل الكثير من الفضائل التي لا تزال تجعله مُعلم . كان ماهرًا للغاية في الرياضيات وعمل في فن النحت و فاق في التصميم كل الآخرين . كانت لديه اختراعات رائعة ، و لكنه لم يلون الكثير منها لأنه لم يكن -كما يقال- راضيا قط عن نفسه، و بالتالي فقد كانت أعماله نادرة. وكان خطيبًا مفوهًا ، ومنشدًا نادرًا وماهرًا في الاختراعات الغريبة و لكن نفسه لم تهدأ قط ، بل كان دائمًا ما ينتج أشياءً جديدةً بعبقريته.
ولد ليوناردو دا فينشي في 15 نيسان 1452، في الساعة الثالثة من الليل [3] في مزرعة تبعد حوالي 3 كيلومترات من المدينة بين أنجيانو وفالتوغنانو .حين ولد ليوناردو كان اسمه بالكامل (بالإيطالية: Leonardo di ser Piero da Vinci) و الذي يعني "ليوناردو، ابن بييرو، من فينشي". نصف مليون زائر سنويا يأتون لزيارة متحف ليوناردو في مسقط رأسهكان ليوناردو الابن الأكبر لكاتب العدل الخامس والعشرين ويُدعى سر بييرو دا فينشي، لعائلة ثرية ، ولامرأة من طبقة دنيا تُدعى كاثرين ، وذلك نتيجة لعلاقة غير شرعية بين الوالدين . وقد لاحظ خبر ولادة أول حفيد جده أنطونيو والد بييرو وكان يعمل موثقًا أيضًا ، في كتاب توثيقى قديم من القرن الرابع عشر ، كان يُستخدم كمجموعة من " ذكريات " العائلة،[5] وفيه يُقرأ: "وُلد حفيدي، نجل سر بييرو، ابنى في يوم السبت 15 إبريل في 03:00 ليلا [22:30 اليوم]. وكان اسمه ليوناردو وقام بتعميده الكاهن بيرو بارتولوميو دا فينشي ، وذلك في حضور الأب ناني، ميو تونينو ، بيير دى مالفوتو ، ناني دي فينسو ، أريجو دى جوفانى الألماني، الأنسة ليزا دى دومينيكو دى بريتون، الأنسة أنطونيا جوليانو ، الأنسة نيكولوزا دل بارنا ، الأنسة ماريا ، أبنة نانى دى فينسو ، الأنسة بيبا دى بريفيكونى[6]". ولم يتم ذكر مكان ميلاد ليوناردو في السجل والذى يعتبر البيت الذي اتخذته أسرة سر بييرو ، جنبا إلى جنب مع المزارع، في بلدة أنكيانوAnchiano ، حيث تعيش والدة ليوناردو . وتم تعميده بالقرب من كنيسة الصليب المقدس ( Santa Croce ) ، ولكن لم يحضر كل من الأب والأم، نظرا لأنهما كانوا غير متزوجين[5]. فبالنسبة لبيرو والد ليوناردو تم إعداد حفل الزفاف جيدًا بينما بخصوص كاثرين ففى عام 1453م تم محاكمة زوجها التي قبلت عن طيب خاطر وضعه المشوب بالمخاطر بعد أن وجدت فلاح من Campo Zeppi قريبًا من بلدة فينشى ويدعى بيرو دل فاكا من بلدة فينشى ويقال ( يشتهر بـ ) l'Attaccabriga وربما كان مرتزقًا مثل الأخ أندريا.[5]
ففى تلك الأثناء ، وتحديدًا في عام 1452م تزوج الوالد بيرو من ألبيرا دى جوفاننى أمادورى Albiera di Giovanni Amadori والذى لم ينجب منها طفلاً. فعلى الرغم من وضعه غير الشرعى فقد شهد الترحيب السعيد بالطفل من سجل جده وأيضًا من حضوره في منزل العائلة في فينشى[5]. وهذا مايمكن قراءته في بيان السجل العقارى في فينشى لعام 1457م حيث كتبه الجد أنطونيو ويشير هذا البيان إلى أن الجد أنطونيو كان عنده 85 سنة وكان يسكن في أبرشية (رعية) سانتا كروتشى Il popolo di Santa Croce وتزوج لوشيا البالغة من العمر 64 وأنجبا طفلين فرانشيسكو وبيرو والذى كان بالغاً من العمر 30 عامًا وتزوج ألبيرا وكانت تبلغ الحادية والعشرين من عمرها وعاش معهما " الابن ليوناردو نجل سير بيرو ، وهو طفل غير شرعي منه ومن والدته كاثرين والتى أصبحت امرأة d'Achattabriga من بلدة فاككا في فينشى."[7]
توفيت زوجة الأب ألبيرا وهي تبلغ من العمر 28 عاما في عام 1464م حينها كانت العائلة تقطن في فلورنسا وتم دفنها في سان بياجو San Biagio. وتزوج سير بيرو من ثلاثة أخريات : الثانية تدعى فرانشيسكا دى سير جوليانو لانفريدينى البالغة من العمر 15 عامًا ، تزوجها في عام 1464م وتوفيت دون أن تنجب ، والثالثة تُدعى مارجريتا دى فرانشيسكو دى ياكبو جوليليمو Margherita di Francesco di Jacopo di Guglielmo ، وتزوجها في عام 1475م والتى أنجبت أخيرًا ستة أطفال وستة آخرون من الزواج الرابع والأخير.[5]
وفى هذه الأثناء كان ليوناردو يبلغ من العمر 12 عامًا من بين الأشقاء والأخوات الذين كانوا جميعهم أكثر شبابًا منه ( حيث وُلد الأخير عندما كان ليوناردو يبلغ 46 من عمره ) ، وكانت علاقته معهم غير وطيدة، ولكن سببوا له الكثير من المشاكل بعد وفاة والده بسبب الخلاف حول الميراث
كان سير بيرو يعمل بالفعل في فلورنسا في عام 1462م ويقال أنه كان يعمل لفازارى Vasari[8] وعاد مع عائلته ومعه الصغير ليوناردو. وقد عرض الأب بيرو على صديقه أندريا دل فروكيو(Andrea del Verrocchio) بعض الرسومات لهذا المشروع والتى ربما تقنع المُعلم بأخذ ليوناردو ليعمل معه في مشغله (ورشته) ، ففى الواقع كان من غير المحتمل أن يبدأ التدريب المهنى من سن عشر سنوات مما جعل من دخول ليوناردو مشغل فيروكيو مرجعي[5].
ويعتقد أن ليوناردو قد بقى في الريف في منزل جديه حيث تلقى تعليمه الذي كان متقطعًا و غير منتظمًا و دون أي تعمق ، وذلك برعاية جده أنطونيو وعمه وفرانشيسكو والكاهن بييرو الذي قام بتعميده[9]. فقد تعلم الفتى الكتابة من اليسار و بالعكس ( بالمقلوب ) بصورة مناظرة للغاية للكتابة العادية[9]. تذكر فازارى كيف كان الصبى قد بدأ الكثير من الأشياء في الدراسة ثم تركه وتذكر أيضًا عدم قدرته على العمل في المهنة القانونية فقد قرر الأب أن يعلمه المعداد على الرغم من أنه واجه الكثير من الشكوك والصعوبات مع المعلم الذي كان يعلمه إلا أن ذلك أفضل من إرباكه.
توفى جده البالغ من العمر ستة وتسعون عامًا في عام 1468م ، ونقل ميراثه إلى " ليوناردو " وإلى الجدة لوشيا والأب بيرو وإلى زوجة الأب الجديدة فرانشيسكا لانفريدينى وإلى الأعمام فرانشيسكو وألسندرا . وفى العام التالى أقامت أسرة الوالد والذى أصبح موثقُا ( كاتبًا العدل ) ل Signoria fiorentina جنبًا إلى جنب مع أسرة عمه فرانشيسكو والذى التحق بفن الحرير 'Arte della Seta في منزل بفلورنسا والذى تم هدمه في القرن السادس عشر ويوجد حاليًا في شارع جوندى Gondi بجانب ميدان سينيوريا.
ويُعدابن غير شرعي لعائلة غنية فأبوه كاتب العدل وأمه فلاحة تطلقت من زوجها بعد ولادة طفلها بمدة قصيرة مماجعله يفتقد حنان الأم في حياته.
في منتصف القرن الرابع عشر استقرت عائلته في فلورنسا والتحق ليوناردو بمدارس فلورنسا حيث تلقى أفضل مايمكن أن تقدمه هذه المدينة الرائعة من علوم وفنون (فلورنسا كانت المركز الرئيسي للعلوم والفن ضمن إيطاليا).
كان ليوناردو يحرز مكانة اجتماعية مرموقة بشكل مثير ولافت، فقد كان وسيما لبق الحديث ويستطيع العزف بمهارة إضافة إلى قدرة رائعة على الإقناع. حوالي سنة 1466م التحق ليوناردو في مشغل للفنون يملكه أندريا دل فروكيو (Andrea del Verrocchio) الذي كان فنان ذلك العصر في الرسم والنحت مما مكن ليوناردو من التعرف عن قرب على هذه المهنة ونشاطاتها من الرسم إلى النحت.
في سنة 1472م أصبح عضوا في دليل فلورنسا للرسامين، وفي سنة 1476م استمر الناس بالنظر إليه على أنه مساعد "فيروكيو" حيث كان يساعده في أعماله الموكلة إليه منها لوحة (تعميد السيد المسيح) حيث قام بمساعدة "فيروكيو" برسم الملاك الصغير الجاثم على ركبتيه من اليسار 1470 يوفوزاي فلورنسا
وفي عام 1478م استطاع ليوناردو الاستقلال بهذه المهنة وأصبح معلم بحد ذاته. عمله الأول كان رسم جداري لكنيسة القصر القديم أو كما يُدعى بالإيطالية "بالالزو فيكيو" (Chapel of the Palazzo Vecchio) التي لم يتم إنجازها. وأول أعماله الهامة كانت لوحة توقير ماغي (The Adoration of the Magi) التي بدأ بها سنة 1481م وتركها دون إنهاء ، التي كانت لدير راهبات القديس سكوبيتو دوناتو فلورنسا. هذا قاده إلى البندقية مارس 1500م. ومما يؤكد على وجود الفنان الفلورنسي في Serenissima من قبل لوكا بوشيلي ، الذي ربما رافقه إلى المدينة لتحضير معا كتاب الأطروحة الإلهية ، الذي يتضح مع رسومات التي ربما المستمدة من النماذج ليوناردو . لم فاساري لم يذكر الرحلة، ربما لأنه يرتبط نشاط مهندس وعالم الرياضيات بدلا من التخصصات الفنية. وهنا تم تكليفه لتصميم بعض الأنظمة الدفاعية ضد التهديد المستمر من تركيا. اخترع ليوناردو سد المنقولة، لتوضع على إسونزو وVilpacco، مما قد يؤدي إلى حدوث فيضانات على حاميات البر الرئيسى للعدو. .وكما هي الحال، وأيضا من البندقية فقد غادرسريعا. ربما رسم أو ترك بعض من دراساته مبتكرة على الكاريكاتير وجوه غريبة في البندقية ، ويظهر تأثيره في بعض الأعمال ، أنتجت في البندقية في وقت لاحق، مثل جورجونيه للا فيكيا أو الأثني عشر المسيح بين أطباء الإقامة في البندقية دورر. بالإضافة لذلك كان بحوزة ليوناردو الورق المقوى على صورة إيزابيلا ديستي، الذي قد يكون مثالا لدفع الفنانين المحليين لعمق صورة النفسي وزيادة حساسية لتأثيرات الضوء.
وبعد أن أصبح اهتمام الشاب ليوناردو بفن الرسم وبصناعة أشياء خيالية أكثر وضوحًا،[8] أرسله والده للعمل في مشغل أندريا فيرويكو بداية من عام 1469م إلى عام 1470م وفى خلال هذين العامين كان هذا المشغل يعد من أهم المشاغل في فلورنسا فضلا عن أنه كان مرتعًا حقيقيًا للمواهب الجديدة[10]. وكان من بين الطلاب أسماء ستصبح فيما بعد سادة كبار للجيل القادم منهم : ساندروا بوتيشيلى ، وبيترو بيروجينو ، ودومينيكو جيرلاندايو ولورينسو دى كريدى. وكان المشغل يقوم بنشاط متعدد الجوانب من الرسم إلى تقنيات مختلفة من النحت ( نحت الحجر ، والشمع ، ونحت الخشب ) وحتى فنون أخرى " طفيفة " (بسيطة) . وخصوصًا فقد تم تشجيعه على ممارسة الرسم مما جعل الجميع يعمل بشكل موحد تقريبًا ، حتي أنه أصبح من الصعب للغاية حتي يومنا هذا أن نعزي منتجات المشغل إلي معلم أو طالب بعينه . اشتهرت نماذج كثيرة من رسم الأقمشة الصادرة من المشغل ويعد كل ذلك نتيجة التدريبات التي أعطاها المعلم إلى الطلاب ناسخًا طيات النسيج المصممة حول نماذج من الأرض وعلاوة على ذلك فقد تعلم الطلاب مفاهيم النجارة والميكانيكا والهندسة والعمارة .
و قد ورد ذكر ليوناردو في كومباينا دي سان لوكا Compagnia di San Luca في عام 1472م ، أثناء ذكر رسامي فلورنسا مما يدل على أنه كان معروفًا وهي أكاديمية للفنون الجميلة في فلورنسا) يعد من الرسامين الذين نشأوا في فلورنسا وهذا ما يعنى أنه كان معروفًا بالفعل في ذلك الوقت كرسام مستقل ، فمن الممكن القول بأن خبرته التكونية قد اكتملت بالفعل ، على الرغم من أن تعاونه مع السيد فرويكو امتد لسنوات عديدة . أرخ ليوناردو عمله الأول في 5 أغسطس عام 1473م ، وكان يسمى المنظر الطبيعى مع النهر il Paesaggio con fiume ، وهو يعد تصميمًا من زاوية طائر في وادى أرنو وتوجد اليوم في مكتب رسومات ومطبوعات أوفيتسى Il Gabinetto dei Disegni e delle Stampe degli Uffizi
كان ليوناردو يتسم ، وخصوصًا في فترة الشباب ، بالتركيز على الوصف الحقيقى لعالم الطبيعة وهذا ما أكسبه منحة بعض المساهمات (الأعمال) التي خرجت من مشغل فرويكو مثل الملاك رافائيل وتوبياس ( لندن، المتحف الوطني ) وفيها تم عرض القشور الواقعية للأسماك بتفاصيل ليوناردو على الرغم من أن هذا لم يتعلق بمهام ليست مشتركة عالميًا . ينطبق الأمر نفسه على لوحة السيدة العذراء مع الطفل و الملائكة (عذراء الصخور ) (دائمًا في لندن)، مع قمة صخرية تذكر لوحة المنظر الطبيعي مع النهر . وطبقًا لدليل فازاري ، المؤكد أيضا من قبل النقد الحديث ، أن ليوناردو قد رسم الملاك في المقدمة على اليسار والمنظر الطبيعي الرائع في الخلفية ، بالإضافة إلى الترتيب العام لأسلوب لخلط لا يقل عن ثلاثة أيادى لشخصيات مختلفة (فيروكيو، وطالب موهوب جدا وليوناردو نفسه). يتضح في هذا العمل بضعة أسباب لأسلوب ليوناردو والتى تجاوزت حدود تعاليم المشغل وهي : الزخرفة المعتمدة على أسباب كثيرة ، التركيز على عناصر النباتات أو تعبيرات الوجوه ، وغالبًا ما تصور مع ابتسامة غامضة ، والجديد في ذلك هو رسم الفضاء والغلاف الجوى الموحد فضلاً عن تلميحات أولية إلى أسلوب التدرج . ووفقًا لفازاراى فإن مهارة ليوناردو في تجربة التعميد دفعت فيروكيو إلى تكريس نفسه لفن النحت حيث كان يراه دائما في مواجهة معه. و في الواقع ، فقد استبعد النقد الحديث العمل غير المنشور معتبرين إياه تأكيدا اعباطيا للموضوع الأدبي " الطالب يفوق المعلم" المأخوذ من أريستو.
ذكر فازارى كيف كان يعمل ليوناردو أيضًا " في فن النحت ففى فترة شبابه صنع من الطين بعض الرؤوس لسيدات كانت تضحك وشُكلت ضمن فن الطباشير، وكذلك رؤوس الملائكة والتى كانت تبدو مصممة على يد معلم ." ولكن لم يُعرف أي عمل نحتى حقيقى ليوناردو على الرغم من المقترحات المتقدمة في ماضيه. ولكن مؤخرًا نسب اليسساندرو بارونكى Alessandro Parronchi ليوناردو تمثال لملاك في مجموعة خاصة بفلورنسا. لكن المصادفات بين تصاميم ليوناردو و أمَال فيروكيو النحية كانت كثيرة: مثل الصورة الشخصية للقبطان القديم (حوالى 1475، لندن، المتحف البريطاني) شبيهة للنقوش المنحوتة للقباطنة القدماء لماتيا كورفينو Mattia Corvino أو دراسة الأيدى (حوالي 1475، وندسور، المكتبة الملكية) وتعتبر دراسة لصورة جينيفرا دى بينشى il Ritratto di Ginevra de' Benci وتشبه إلى حد بعيد وضع أيدى تمثال المرأة مع باقة Dama col mazzolino[15]. . وأخيرًا تعد التجربة الوحيدة المؤكدة بفن النحت لليوناردو النصب ( التمثال) غير المكتمل لفرانشيسكو سفورسا l'incompiuto monumento a Francesco Sforza.
تم تأريخ أول أعمال ليوناردو بين عام 1469م وأوائل السبعينيات وحتى قبل التعميد . ففى هذه الأعمال التي دارالنقاش حولها يُظهر الفنان الالتزام التام باللغة المشتركة لطلاب فروكيو معقداً الدراسات المسندة . فتعد لوحة السيدة الصغيرة دريفوس (حوالي 1469م،، المتحف الوطني للفنون، واشنطن) هي العثور النهائي للنقاد والتى أخذت في الماضى أيضًا أسماء فيرويكو ولورينسو دى كريدى ففى الواقع كان هناك تقارب أسلوبى بينها وبين لوحة السيدة جاروفانو (حوالى 1473م ، ألتى بيانكوثيك ، موناكو) بألوان رقيقة وتقريبًا شفافة ، والإيماءات الأسرية بين الأم والطفل وتم وضعها على خلفية داكنة حيث ينفتح على " الإقليم الفلامندى" نافذتين يطلان على منظر مشرق. لقد نشأ مشغل فيروكيو البشارة المعاصرة من أوفيزي، ولكن اسم مؤلفه - المتنازع عليه من قبل النقاد لفترة طويلة ، ليستقر أخيرًا على اسم ليوناردو . فيظهر مَلَك البشارة ( جبريل ) في الواقع بجوار ملك التعميد ، وهناك نوعان من رسومات ليوناردو المعينة : دراسة في أحضان كنيسة المسيح في أكسفورد، ودراسة الأقمشة مع ساقين السيدة العذراء في متحف اللوفر، واللتان يشيران بالتحديد إلى على التوالي، والملاك والسيدة العذراء . وعلى الرغم من أنه تم تشكيل نمط الشخصية الخاصة بليوناردو ، إلا أنه مازال يوجد أسباب لفروكيو مثل منضدة المذبح بسيقان أسد والتى تشير عن قرب إلى مقبرة جوفانى وبيرو دى ميديشى .وتحتوى اللوحة على "خطأ " من المنظور، ففي ذراع العذراء اليمنى الطويلة جدا ، هناك عيب تم اخفاؤه عن طريق اتخاذ وجهة نظر قليلا إلى اليمين من العمل. تشير لوحة السيدة جاروفانو (1475م-1480م) مع الدلائل بالفعل إلى النضج السريع لأسلوب الفنان، موجها إلى انصهار أكبر بين مختلف عناصر الصورة، مع تحولات ضوئية ومرقطة أكثر حساسية ، وتظهر العذراء من غرفة مظلمة من مشهد بعيد ورائع يظهر من خلال نافذتين انسيت في الخلفية . من عام 1474 إلى 1478 ظهر بورترية امرأة لطبقة البرجوازية الثرية في فلورنسا . يظهر العمر بشكل أكثر وضوحًا تأثير الفن الفلمنكى وذلك من خلال تلألؤ الشعر والتركيز على ناتج الضوء من اللون ، ويظهر أيضًا سمة خاصة في الجو بين الشخص في أولى خطواته وبين المنظر الطبيعى فضلًا عن تقنية معينة بأطراف الأصابع لمزج الألوان وخاصة في البشرة الواقعية .
من يناير 1474م إلى خريف عام 1478 لم تكن أعمال ليوناردو معروفة ، وكان هذا الصمت غريبًا خاصة أن مهنة ليوناردو كانت تعتبر في السنوات السابقة مباشرة قابلة للانتهاء مدعومة من قبل أب ثرى وذى نفوذ الذي أبقاه على الأقل حتى عام 1480م وبذلك استطاع أن يساعده في الحصول على عمولة. ولذلك ، كان من المفترض أن يكون ليوناردو مترددا في أوائل العشرينات من عمره بشأن مستقبله حيث اقترب من عالم العلوم بحضور عالم الجغرافيا والفلك باولو دل بوزو توسكانيللى ، وربما كانت فرصة له لدراسة تشريح الجثث في مشارح المستشفيات، ولكنه كان يجب عليه دراسة الفيزياء والميكانيكا من خلال التجارب المباشرة. في الثامن من إبريل 1476 قُدم محضر مجهول إلى ضباط الليل والأديرة ضد أشخاص معينة من بينهم ليوناردو وذلك بتهمة الشذوذ الجنسى الذي مارسه مع يعقوب سالتاريللى البالغ من العمر سبعة عشر عامًا من سكان شارع فاكيريتشا (بجانب ميدان سينيوريا) . على الرغم من أنه كان هناك في ذلك العصر في فلورنسا بعض التسامح تجاة المثلية الجنسية ، إلا أن عقوبة هذه الحالات كانت صارمة للغاية: أضعاف خصى اللواط البالغين وتشوية القدم أو اليد للشباب . وبالإضافة إلى ليوناردو ، كان من بين المتهمين الآخرين الصائغ بارتولوميودى باسكوينو والخياط باتشينو المقيم في شارع تشيماتورى في أورسانميكيلى وخاصة ليوناردو تورنابونى الذي كان يرتدى ملبس " أسود " (القماش الأكثر ثمنَا، وهو يخص المجتمع الراقي(الطبقة العليا )،ففى الواقع كان شابًا ريثًا من عائلة ذات صلة قوية للغاية بعائلة ميدتشى . وقُدمت شكوى مماثلة أيضًا في شهر يونيو من نفس العام بتهمة تورط تورنابونى والتى ستكون في صالح المتهمين حيث تم وضع الشكوى المقدمة في الأرشيف "وتم إطلاق سراح كل المتهمين ما لم يكن هناك أية شكاوى أخرى حول هذا الموضوع." تظهر الشكوى كيف كان ليوناردو في ذلك الوقت يوجد في مشغل فيروكيو.
ففى 10 يناير 1478م تسلم أول وظيفة عامة وهي شفرة لكنيسة سانت برنارد في قصر السنيوريا ومنحه رؤساء الأديرة 25 فلورين ولكنه لم يبدأ العمل حيث تعهد في عام 1483م لدومنيكو جيرلاندايو ثم إلى فيليبيو ليببي أنه سينهى هذا العمل في عام 1485م ( شفرة ثمانية وتوجد الآن في أوفيزي ) ففى هذه الشفرة يوجد تعبير " ليوناردسكا " ويعنى ابتسامة غامضة للسيدة والتى أربكت بعض النقاد في الماضى ثم نسبوها لليوناردو. وفى ذلك الوقت كانت رغبة ليوناردو في تكريس نفسه للرسم يجب أن تلقى ظلالها ، وذلك كما أوضح سجل تم تشويهه جزئيًا وفيه ذكر الفنان أنه في نهاية عام 1478 بدأ في رسم سيدتين ، كانت واحدة منهن تُعرف بالسيدة بينوس واليوم توجد في الارمتاج في سان بطرسبرغ والذى ذكرها بوكى في عام 1591 في منزل ماتتيو وجوفاننى بوتتى بفلورنسا : " كانت اللوحة الملونة بالزيت على يد ليوناردو دا فينشى جميلة للغاية حيث رسم السيدة (مادونا) ببراعة بالغة وبحرص شديد وصورة المسيح وهو طفل كانت جميلة ورائعة جدا . من الممكن أن يشير هذا الوصف أيضًا إلى لوحة السيدة جاروفانو.
كتب فازاري أن ليوناردو "له تصميمات خرائط كثيرة لمباني أخرى، وهو كان الأول من بين الشباب الذي يتحدث عن نهر الأرنو و إنشاء قناة تربط بين بيزا و فيرونزا "، وعندما أُنشئ مشروع نهر الأرنو عام 1503،لم يعد ليوناردو شابا ويبدو أن اهتمامته قد تغيرت وتوجهت إلى المشروعات الهيدروليكية و الهندسة الحربية. ومن ناحية أخرى، فإن ليوناردو يمتدح مهاراته العسكرية في خطابه الشهير الذي أرسله إلى لودوفيكو المورو عام 1492، وأضاف فيه أنه في فترة السلام " يشعر برضا شديد عندما يقارن بين أعماله الهندسية من بنايات عامة وخاصة ،وتوصيل المياه من أماكن إلى أخرى ". أما عن الفترة التي قضاها في ميلانو فقد حاز على لقب (المهندس ) بينما في فترة معيشته في فلورانسا فقد حاز لقبي (الرسام والمهندس المعماري). ولتعميق المفاهيم الهندسية استفاد بالطبع من الكتابات و من المعرفة الشخصية لفرانشيكو دي جورجو مارتيني : حصل على نسخة من معاهدة العمارة العسكرية والمدنية؛ التخطيط لإنشاء قلاع سميكة وقوية ولها زوايا للتحصين من هجمات جنود الأعداء. و كانت تصميماته شهيرة سواء الخاصة بقبة الدومو أو المباني الفخمة، التي استحدث فيها الحدائق المعلقة كما فكر أيضا في حلول جديدة داخل هذه المباني مثل السلالم الثنائية والرباعية لتكون داخل المنازل. "ستولد الرياح في أي وقت، وسترفع المياه العذبة حيث تمر بين طاولتين مختلفتين، وتجري قناة مياه أخرى عبر الحديقة، ومن خلال الطاحونة ستجري العديد من قنوات المياه إلى المنازل، والمنابع في أماكن كثيرة مختلفة، وسيحدث بعض التغير حيث ستمر في أماكن كانت تتخطاها في الأماكن المرتفعة ". وقد اهتم أيضا بابتكار تصورات جديدة لاسطبلات الحيوانات، لكي يصل إلى المدينة الفاضلة [1]والمبنية على إنشاء طرق متعددة المستويات ، حيث تستخدم المستويات المنخفضة للعربات في حين تكون المستويات الأكثر ارتفاعا مخصصة للمشاة. وفي عام 1502 قدم ليوناردو تصميما لجسر يمتد 300 مترا، حيث كانت مشاركة في مشروع هندسي للسلطان عثمان بايزيد الثاني وكان من المتوقع أن البوابة ستوضع على إحدى مداخل مضيق البوسفور (القرن الذهبي) ولكنه لم يبن. بينما في القرن الواحد والعشرين قد تقرر إنشاء هذا الجسر متبعين في ذلك تصميم ليوناردو.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق